اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 350
اى لم يبق لهم مما يترتب على أعمالهم فيها إِلَّا النَّارُ إذ حسناتهم قد وفيت في النشأة الاولى ولم يبق لهم سوى توفية السيئات وليس توفية السيئات الا بالنار وما يترتب عليها من انواع العذاب والآلام وَبالجملة قد حَبِطَ اى ضاع واضمحل عموم ما صَنَعُوا فِيها اى في النشأة الاولى من الخيرات والمبرات بإرادتهم مزخرفات الدنيا الدنية لأجلها وَبعدم إخلاصهم وانعكاس مرادهم باطِلٌ فاسد ضائع جميع ما كانُوا يَعْمَلُونَ من الصالحات فيها بل قد صارت أعمالهم الصالحة طالحة من خساسة نيتهم وخباثة طويتهم
أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ يعنى أتظنون وتحسبون ان من انكشف له برهان واضح وكشف صريح وشهود محقق من قبل ربه وتحقق بمقام التوحيد واطلع على سرسريان الوحدة الذاتية في جميع الكوائن والفواسد وَمع ذلك يَتْلُوهُ ويطرء عليه ويجرى على لسانه شاهِدٌ ناطق بتصديقه نازل مِنْهُ اى من عند ربه امتنانا له وتفضلا عليه يريد ويقصد من أفعاله واعماله الصادرة عنه ظاهرا مثل ما أراد أولئك المحجوبون المستورون عن الحق واحاطته وشموله واستقلاله في الآثار الظاهرة في الآفاق كلا وحاشا هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون وبالجملة ما يتذكر منه الا أولوا الألباب وَكيف ينكرون شهادة القرآن على تصديق خير الأنام إذ قد جاء مِنْ قَبْلِهِ من قبل القرآن كِتابُ مُوسى من قبل ربه مصدقا له في دعواه وقد صار كتابه بكمال اشتماله على الحكم والاحكام إِماماً وقدوة لقاطبة الأنام وَرَحْمَةً شاملة للخواص والعوام ليهديهم الى دار السّلام وبالجملة أُولئِكَ اى عموم اهل التورية وهم الذين يؤمنون بها ويمتثلون بما فيها يُؤْمِنُونَ بِهِ اى بحقية القرآن لكونه مذكورا في كتابهم المنزل عليهم وَبالجملة مَنْ يَكْفُرْ بِهِ اى بالقرآن وينكر بحقيته مِنَ الْأَحْزابِ المتحزبين مع المحرفين للتورية المنحرفين عن جادة العدالة والايمان فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ لا بد وان يرد عليها بمقتضى العدل الإلهي فَلا تَكُ أنت يا أكمل الرسل فِي مِرْيَةٍ شك وارتياب مِنْهُ اى من ورودهم عليها انجازا لوعده سبحانه إِنَّهُ الْحَقُّ الثابت النازل مِنْ رَبِّكَ لا بد ان يتحقق وقوعه حتما وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لانهماكهم في الغفلة وغلظ حجبهم عن الله لا يُؤْمِنُونَ بحقيته سبحانه وحقية وعده وإنجازه الموعود لذلك حرفوا ما جاء من عند الله في كتابه وزادوا عليه ما لم يجيء من لدنه سبحانه ظلما وعدوانا
وَمَنْ أَظْلَمُ على الله مِمَّنِ افْتَرى وقد نسب عَلَى اللَّهِ كَذِباً عمدا وحرف كتابه بتنقيص شيء منه او زيادة عليه قصدا أُولئِكَ الأشقياء المحرفون المجترؤون على الله بتبديل آياته يُعْرَضُونَ في يوم العرض الأكبر عَلى رَبِّهِمْ ويسألون عما فعلوا بكتاب الله فينكرون ويستنزهون أنفسهم عنه وَيومئذ يَقُولُ الْأَشْهادُ ويشهد عليهم الشهود العدول من أعضائهم وجوارحهم إلزاما لهم بانه هؤُلاءِ المسرفون المعاندون الَّذِينَ قد كَذَبُوا عَلى رَبِّهِمْ وحرفوا كتابه افتراء ومراء ظلما وزورا وبعد إشهاد هؤلاء الاشهاد نودي من وراء سرادقات العز والجلال تفضيحا لهم وتخذيلا على رؤس الملأ أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ وطرده وابعاده عن سعة رحمته نازلة عَلَى الظَّالِمِينَ المتجاوزين عن مقتضى حكمه وحكمته عنادا ومكابرة
وهم الَّذِينَ يَصُدُّونَ ويصرفون عباد الله عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ الذي هو الشرع المتين المبين المنزل من عنده على أنبيائه ورسله بالعدالة والتقويم وَيَبْغُونَها عِوَجاً اى يريدون ان يحدثوا فيها عوجا وانحرافا ليصرفوا عنها ويرتدوا منها أهلها سيما بعد ايمانهم بها وانقيادهم لها
اسم الکتاب : الفواتح الإلهية والمفاتح الغيبية المؤلف : النخجواني، نعمة الله الجزء : 1 صفحة : 350